جاءني صوتها من بعيد مثل قطرات الندى تتساقط بعد طول غياب على أغصان زهرة شاردة
حاصرتها الشمس زمانا حتى فقدت الأمل في أن تعود للحياة مرة أخرى
قالت:لابد أن اعترف أنني أخطأت حين تصورت أن الهروب من المشاعر هو علاجنا الوحيد
وان الظروف في بعض الأحيان تجعلنا نرتكب حماقات كثيرة ربما جرحنا بها قلوب أحبتنا
لقد تصورت أن البتر هو افضل وسائل العلاج ولكنني أدركت بعد ذلك أن القسوة شيء مخيف
وان الإنسان لابد أن يفكر قليلا قبل أن يقدم على الأشياء
أن الاعتذار لا يكفي والتبرير ليس له مكان بيننا الآن..ولكنني والحديث مازال لها اعترف لك أنني
اكتشفت من تجربتي أن الإنسان أحيانا يمارس القسوة على نفسه ويكون أقسى عليها من الآخرين
لم اكن أريدها أن تعتذر ولم يكن ذلك إشفاقا ...ولكن كان حبا..لم أكن أريدها أن تبرر
ما حدث...فقد كان لها عندي ألف مبرر...وطالما عاتبت قلبي لأن مازال قلبي يحبها رغم كل
ما حدث
لم أكن في حاجه لأن أتذكر صوتها لولا وهله وكيف أتذكرها وهي تعيش بداخلي منذ افترقنا
لابد لي أن اعترف أنني تمنيت في أوقات كثيرة لو أنني سمعت صوتها مرة أخرى
وخانني الأمل اكثر من مره حين أيقنت مع نفسي أنها نسيت
وان ما كان بيننا اصبح طيفا عابراً يجب أن نداريه في سجل ذكرياتنا
ولكن شيئا آخر كان يؤكد لي أن ما بيننا اكبر من النسيان
حتى وان حاولت أن تنزع هذه المشاعر التي سكنتنا يوما فأنها لن تستطيع
كان عندي إحساس وصل لدرجة اليقين أننا سنعود مرة أخرى...وسوف تجمعنا الأيام رغم
الحواجز والظروف
وان ما حدث كان اختبارا لمشاعرنا
كانت تقول لي دائما أنها تراهن على الزمن لأنه يمثل عندها الاختبار الحقيقي للمشاعر
وأننا يمكن أن نتحدث كثيرا في الحب.....ونردد ألفاظا براقة جميلة...ولكن الزمن وحده هو
القادر على كشف زيف الكلمات أو صدقها...
وكنت سعيدا أن أجد كل ما قلته وقد صار أمامي حقيقة
قلت لها:سوف نراهن على الزمن ....وكان الزمن في صالحي
وقلت لها: أن ما بيننا ليس شيئا عابرا..وصمدت مشاعرنا أمام كل التيارات التي طاردتنا
وكنت سعيدا أنها أدركت أن ما بيننا اكبر من إرادتنا
أقوى من كل محاولات الهروب...
أن التجارب وحدها هي التي تؤكد معادن الأشياء...ومعادن الناس أيضا
يستطيع الإنسان أن يكتب كلمات حب جميلة...ولكن اجمل ما في الحب ليست الكلمات ولكنها
المواقف
يستطيع الإنسان أن يؤكد انه لن يبيع ولن يفرط...ولكن الأيام وحدها هي التي تثبت عمق المشاعر
أخيرا جاءني صوتها من بعيد وطالما انتظرت هذا الصوت بكل ذره من كياني...كنت سعيدا
بنشوة غريبة تسللت في دمائي
هل هي انتصار الحب..أم انتصار الصدق...أم انتصار الزمن
وطال حديثنا وكأننا ما افترقنا...ولا حزنا..ول أخطأنا
وشعرت كأني اكمل معها حديثا كان بالأمس القريب
وغاب صوتها...ومازلت اسمعها
أيها العصفور المسافر...مازال عشك خالياًً
